في غياب الضمير يصبح الطب تجارة

في غياب الضمير يصبح الطب تجارة

بقلم : المحامي سمير بشير النعيمي

حدثني والدموع تنهمر من عينيه عن أصابة ابنه الشاب بمرض تقرح القولون
ثم علق قبل ان اساله ان هذا المرض اسبابه غير معروفة ومتعددة ومنها اسباب نفسية
بسبب القلق والكأبة لكونه خريج كلية وعاطل منذ اربعة سنوات مع شقيقيه وشقيقته وهم
لا يقبضون فلسا واحدا من دولة ينتسبون اليها حسب الوثائق الرسمية ...
سكت هنيهة واخذنفسا طويلا ثم اكمل حديثه قائلا......
بعد ان عجزت المستشفيات الحكومية نصحوني بالذهاب الى اربيل لوجود دكتور اخصائي
بالجهاز الهضمي وله خبرة بأمراض القولون اسمه ( ف - ب ) لكون ظروفي المادية
لا تسمح لي بمغادرة العراق وبعد عدة فحوصات من هذا الدكتور الذي كان يتكلم بالمثاقيل
فأجئني بان ابني يحتاج لعملية استئصال القولون وهذه العملية ليست سهلة
وتستغرق 7 ساعات لدقتها و صعوبتها وللعلم ان اجرة الدكتور لوحده فقط
ثمانية 8 ملايين دينار عراقي عدا اجور المستشفى والمبيت والدواء والاكل
والشرب وغيرها من مصاريف ... لقد اشفقت على هذا الاب الستيني
الذي غطى الشيب الابيض كل جسمه بل ترك زمان القحط والحصار
والحروب ندباتها على وجهه بالرغم ممايتركه عند المقابل
من انه عزيز قوم ذل كما تدل طريقة كلامه وتعابيره
انه كان له شأن في زمن ولى ...
امسك بيدي لينبهني لتكملة حديثه المؤثر فقلت له نعم اكمل .....
فتنفس الصعداء قليلا ثم اردف ...
عند افاقتي من الدهشة شرحت للدكتور اني لا املك غير 2 مليون
ضحك وقال هذه مشكلتك وعليك ان تعطيني الاجابة خلال نصف ساعة
لان ابنك في خطر وعندها شعرت بوضاعة النفوس التي لايهمها البشر
بقدر ما تهمها النقود والمال وينعدم لديها شعور الرحمة والرأفة
الذي يعتبروه شعار الضعفاء ربما ؟؟؟
يقول هذا الاب المسكين الذي ابتلى الله ابنه بهذا المرض ولكنني لم ايأس
ولم اضعف وكنت اشعر بان الله لن يضيع ابني
وان الله أرأف وارحم مني ومن والدته ..
وخرجنا من عيادته هائمين على وجهنا.. صامتين مشدوهين نكلم انفسنا ...
8 مليون من اين؟ لو كنا نملكها لدفعناها فورا انقاذا لابننا الغالي ....
و اخذنا ندور بسيارتنا القديمة في شوارع اربيل على غير هدى والدنيا باعيننا مظلمة ..
كيف ننقذ ابننا؟؟ قبل ان يذهب من ايدينا انه مبلغ لا يساوى شيئا بعرف الحرامية والسراق
ولكن نحن لانملك نصفه نراه مبلغ كبير وفتحنا هواتفنا الجوالة انا وزوجتي
واتصلنا بالاصدقاء والاقرباء الكرماء ومررنا صدفة بقرب احد الجوامع
وكان المؤذن ينادي لصلاة المغرب حي على الصلاة ونزلت وصليت ودعوت الله باكيا منتحبا
وشاكيا ظلم الانسان لاخيه الانسان وطلبت من ربي الشفاء لابني
وماهي الا دقائق بعرف الزمان المظلم سنوات
وقبل ان اكمل الصلاة رايت ابني الصغير ينتظرني...
ياالله لابد أن هناك خبر ما .... وكم كانت دهشتي عظيمة ...
حيث اتصل بنا الجراح العبقري حامد هندي الجبوري بعد اخباره من قبل اقاربنا..
طالبا ان لا نحمل هم وان نترك اربيل والتوجه اليه في مستشفى التوفيق الاهلي
ليقوم بالعملية مجانا وعلى حسابه الخاص ..
سبحان الله لقد استجاب الله دعائنا بلحظة الدعاء
وعدنا من اربيل وقام الدكتور حامد بهذه العملية النادرة بالعراق
والحمد لله تكللت بالنجاح الباهر فشكرا لهذا الدكتور الانسان
وشكرا لصاحب المستشفى وشكرا لكل من ساهم وبذل جهد من اجل انجاح العملية
وشكرا لكل انسان يحب مساعدة اخيه الانسان بدون طمع للمادة
وطالبا الاجر من الله فحيا الله رجال كرماء شرفاء لا يغرهم المال ..
يبذلون كل شيء من اجل اسعاد الاخرين
اسأل الله ان يوفقهم ويسعدهم ...

» هل تريد ان يصبح وجهك كالقمر يوم القيامة ؟